زيت وزعتر


فوت منعطفه المعتاد بجوار (كراون بلازا) بدا شاردا فنبهته قال " اعرف سنعرج على البنك أولا " .."الآن!" ..."الصراف الآلي يعمل 24ساعة" رافقته على سبيل الفضول أسعده فضولي فأعطاني البطاقة ووجهني لطريقة استخدامها حين أصدرت الماكينة أصواتها وأخرجت النقود ورقه تلو أخرى صفقت بكفي "هيييه" كان صوتي خفيضا لكنه ضحك ونبهني أن حولنا ناس.

لمحت المطعم قبل المنعطف التالي للبنك فسألته إن كان قد جربه من قبل فنفى قال لي انه جديد ثم حكى لي عن ذلك المطعم في شارع الضيافة الذي دعي إليه في أسبوع الافتتاح فتنبأ انه لن يستمر أكثر من ستة اشهر فأغلق أبوابه بعد ستة اشهر اسمعني إياها عشرات المرات فضحكت "ما رأيك لو زرناه مره لنقدر مدى قابليته للاستمرار" قهقه "تعنين اقدر أنا ذلك" أصررت " نقدر .. أنت تتولى التكاليف والمصروفات والإرباح وأنا أتولى جودة السلع ومستوى الخدمة " قهقه ثانيه "يمكنني القيام بذلك أيضا" .. "اتفقنا .. أنت مدعو إلى هناك يوم اقبض راتبي الأول"

رفع عينية عن قائمة الطعام و سألني ما هو الحبش فأخبرته انه الاسم الشامي للديك الرومي ثم سألته في خبث الم يخبرك بها محمود .. ضحك وقال "لا" .. قررت التمادي لأرى " هل أخبرك محمود معنى
strawberry أو garlic "
.. ضيق عينيه و رفع حاجب إحداها " كلا " ابتسمت في فخر " من أخبرك إذا " رد كأنما يقرر أمرا بديهيا " عمو عصام " قبل أن أرد جاء الفتى الشامي ليأخذ الطلبات .. و حين أنصرف أنبته " مايونيز في المساء .. ثم نشكو من التعب " .." أنت من يرغب في التوفير .. " أنقذه الفتى الشامي مجددا حين جاء بعلبه خشبية أنيقة فتحها أمامي لأختار نوع الشاي الذي سأشربه تحيرت أمام الألوان ثم أشرت لواحد اخضر اللون فلم يخذلني اللون الأخضر من قبل .
ذكرته بما اتفقنا عليه منذ أيام فضحك ... دارت عيناه في المكان قليلا ثم تفحص الورقة التي أمام كل منا والتي ستوضع عليها أطباقنا بعد قليل .. " الفكرة جيدة, المقاعد مريحة رغم بساطتها .. القائمة مطبوعة بطريقه مبتكرة وكذلك تلك الورقة وهو ما يعنى الاعتناء بالتفاصيل .. المكان ضيق وهذا ليس في صالحة و ضعي في حسابك أنة مكلف لأنه في طريق الشيخ زايد.. الجو عربي و العاملون عرب و هذا جيد .. لكن ينقصه شيء " نظر لي .. فأسرعت أقول " الموسيقى الأجنبية لو تحولت لأغاني فيروز سيكتمل الجو " .. ابتسم.. " تمام " .. أسرعت أخطف باقي الجملة "خصوصا للأجانب الذين يرغبون في مكان يبدوا شرقيا بما يكفي لتجربة جديدة لكن بذات مستوى الخدمة الذي اعتادوا عليه" ضحك , كالعادة نفكر في نفس الأشياء و بذات الطريقة ونكمل جمل بعضنا البعض و مازال ذلك يدهشنا .
قبل أن ندخل بقليل مررنا بجوار فندق أسمة (شانجري لا) أشار إليه وسألني إن كنت شاطرة واعرف معنى الاسم فأخبرته انه اسم وهمي اخترعه رئيس أمريكي ليسمى به مكان سري حين سأله الصحفيون عنه . همهم " قلتها لك من قبل أليس كذلك " .. " كلا أنا من قالها لك من قبل " .. " أنا من قالها لك لقد اخبرني بها محمود لقد نزل به من قبل وهو من اخبرني عن معنى الاسم" .. فكرت ها قد بدأنا.. " كلا لقد مررنا به من قبل وقلت لي أن محمود نزل به و تعجبت من الاسم فأخبرتك بالمعنى " .. " كلا محمود اخبرني به" .. كالعادة لا نتنازل عمن كان هناك أولا ونتجادل كصديقين يعشقان النقار " ماشي محمود أخبرك بها ..لكنى قرأتها قبل أن يخبرك بسنوات " .

رغم أن صلتنا تمتد عمري بأكمله إلا أننا لم نعرف بعضنا حقا إلا منذ شهور . قبلها كان ذلك الاسم المهيب الذي ترهبني به والدتي. اذهب لمدرستي قبل أن يصحوا وأنام قبل أن يعود وارتعش وأنا أسلمه درجات الشهر . وحين غاب فجأة و لسنوات لم أدرك بالضبط ما الذي فقدته حتى وجدته لأفقده من جديد.

كيف بدت الغابة

لم افهم يوما الحاجه الملحه التى تجعلنا نجتمع كل فتره فى بيت احدانا لنلعب و نثرثر .مازال ثعبان المتاهه الطويل على حلفه مع النرد يرفعن النرد بارقام عاليه متتاليه لا احتاج معها لتسلق اى سلالم حتى اصل الى فك الثعببان المنتظر قبل النهايه بخطوتين لاعود الى اول المتاهه من جديد لا ينقذنى منهما الا فوز احدى البنات بينما تنتهى مونوبلى دائما بانسحابهن كل تلقى اوراقها وتقول مش لاعبه .. يكون هذا بعد ان تثقلهم الديون ويضطررن لاقراض بعضهن وعقد احلاف لمواجهة تكاليف البيوت والفنادق و محطات الماء والكهرباء ومواقف السيارات التى امتلكها.

ليدو ثانى اكثر لعبة شعبيه هنا, اشارك فيها من قبيل عدم الخروج على الجماعة لم افهم يوما نظريه اللعبه تاثير مجموع النرد او توافق أوجهه فى مسار اللعبة وحركة القطع رغم ذلك اجدنى احيانا كثيرة فائزه مقررةً عقوبه الخاسر ربما لانى فى الحقيقه لست العب وانما يلعب لى الجميع. سكرابل هى اقلها شعبيه دائما ما تقطعها والدة الصديقه التى نجتمع فى بيتها نترك اللوحه والاوراق وحين نعود من الغذاء تزيح احداهن اللوحة رغم اعتراضي لتضع لوحة المخاطرة وهى لعبة اخري لا افهمها لكنهن لا يلعبنها لى كليدو فقط يصححن اخطائى التى تضرهن في أقل من نصف ساعة افقد قواتى و بلداني فتعتقلنى المنتصرة فى احد بلادها تمهيدا لمحاكمتى على جرائم الحرب التى ارتكبتها..


في تلك المرة حين عدنا من الغذاء اقترحت احدانا ان نلعب لعبة مختلفه شيء لم نفعله من قبل ماذا عن لعبه القوائم القديمه ورقه من منتصف كشكول تثنى كانها مروحه ثم تملاء كل طبقه بموضوع اسمه ,سنه ,كيف ستقابليه, مهنته, عدد الاولاد. تذمرنا "دى هاتاخد وقت طويل اوى" .. "عايزه تهربى من المعتقل"..."لا عايزه تعرف هو مين" .."هأهأهأهأ" ..."انا بضرب مثل ممكن نغير المواضيع او نلعب اكس او" .." يا سلام" .... "استنوا اخويا علمنى لعبه جديده". امرتنا ان نجلس فى حلقه وان نغمض اعيننا ثم نتخيل انفسنا نمشي فى غابه حتى تقابلنا صخره تسد الطريق علينا ان نفكر كيف نجتاز الصخره لنواصل المشي حتى نصل الى نهر الان علينا ان نعبر النهر لان البيت فى الناحيه الاخري ... "خلاص فتحو عنيكوا " تعلقت اعيننا بها فى انتظار ما تقول لكنها ظلت تحدق بنا ثم انفجرت ضاحكة " ما اعرفش اخويا ما رضيش يقولي" . فكرت جديا فى قتلها لكنها افلتت من كفى ومن حجرالنرد الذي قذفتها به صديقتي.


في طريق عودتنا سألت صديقنتى عما رات "غابة تشبه غابة روبين هود وحجر ضخم طوله كاخي الصغير تسلقته سريعا.اما النهر فكان بلوغه سهلا لان هدير الشلال كان عاليا لكنى اضطررت للسباحه فلم تكن هناك قوارب ولا اعرف كيف اصنع واحدا.. "لكنك لا تجيدين السباحة" .."كنت اجيدها فى الخيال" .." ولماذا لم تجيدى صنع القوارب فى الخيال" ضحكت "ما اعرفش" . سالت " والبيت" .. " كان يشبه تلك الاكواخ التى يتصاعد منها الدخان اثناء العواصف الجليديه.. وانت " .. "كانت غابة استوائيه شبه مظلمة بسبب تشابك الاغصان الصخره كانت اطول منى مرتين لكنها كانت منحدرة قليلا فاستطعت تسلقها قفزت للناحيه الاخرى لكن السقطه اوجعتنى .. النهر كان ضحلا موحلا يبدوا ان موسم الفيضان لم يحن بعد و كان مليئا بقطع خشب طافيه " .."اضررت لخوضه مشيا؟" ..." حاولت لكن قطع الخشب الطافيه كانت فى الحقيقه تماسيح لم اشاء المخاطره فاستعنت بعود بامبو طويل وقفزت للناحيه الاخري كما يفعلون فى العاب القوى" ..ضحكت " والبيت " .." لم يكن هناك واحدا .. اضررت لبناء واحد فوق الشجر كطرزان".....


حين بلغنا بيتها سألتنى وانا اودعها "تفتكري غابتها كان شكلها ايه" .. ضحكت فى خبث " ما اعرفش بس اكيد ما عرفتش تعدى الصخره و رجعت مطرح ما جت"

هاهنا ..

مساحة شخصية لا أكثر ولا أقل .. إن اعجبك ما فيها اهلا بك وإن لم يعجبك اتركها غير نادم لا تصدع راسك و رأسي رجاءاً ..