كيان

انهم كتله حية متحركة تموج بكل تيارات الوطن من كل لون وجنس و دين وثقافة تتحرك بنفسها من تلقاء نفسها ليس لها قائد محدد , هذا ما قالة  - بتصرف - المراسل الصحفي منذ بضعة أيام وهو يحاول ان يشرح لزميله ما يحرك الجماهير و هذا أيضا ما يؤرق النظام من البداية فقد اعتاد ان يجد الرأس ليقطعها و يجعل منها عبرة ويستريح أما الان فاي رأس يقطع وكل الرئوس التي ظن انه قطعها ظهر غيرها واكثر  من كل فج عميق
هذه الكتله الحية النابضة كل فرد فيها راس وقائد قيد الاعداد والتشكيل وحين ياتي النصر باذن الله سيعود كل واحد منهم الطبيب للمستشفى و المهندس للموقع والعامل للمصنع  وبياع الخضار لسوق العبور لكن حين يعود كل منهم لن يكون فردا عاديا  بين اقرانه  سيكون وسط عائلته و جيرانه و اصدقائه  سوبر فرد  سيكون مثلا يحتذي وقائدا يبث روح الاخوة والتعاون والنظام والتواضع والكرامة والعزة التي تشربها رجال التحرير من بعضهم البعض ... هؤلاء حين يعودون لمواقعهم منصورين سيكونون سلاحا ماضيا ضد كل بؤر الفساد والمنتفعين التى سيتركها النظام ورائه و كل في موقعه وميدان تخصصه سيكون صمام الامان ضد كل ما يهدد المكاسب التى ستتحقق باذن الله

في غيبة العفريت الأسود

حين فرض حظر التجوال لاول مرة مساء الجمعة اضطر اخى للمبيت في مقر عملة لتاخر الوقت عاد صباح السبت في الثامنه وغادر البيت بعها بساعتين ليلحق بالمتظاهرين رغم اعتراضات أمي بالطبع , حين حل المساء كان التلفزيون لا يتوقف عن إذاعة استغاثات المواطنين و يعرض رقم للاتصال بالجيش لكن الرقم لا يعمل  وحين سمعنا ضرب الاعيرة النارية على أول الشارع اتصلت به أختى باكية طالبه منه أن يعود وان اللصوص كانوا سيدخلون الشارع لولا تصدي الجيران ..  وبينما يعود اخي ماشيا من التحرير لانعدام المواصلات  جائت الاخبار من الجيران ان اهالى الشارع المجاور امسكوا بهم  كانو سته ثلاثه منهم  يحملون كارنيهات شرطة و في التلفزيون جائت اخبار مشابهه مع نداء بالتبرع بالدم للمصابين تحت اصرار امي بقى اخي في البيت يوم الاحد بينما نزلت انا واختى وصديقتي واختها وذهبنا للقصر العيني من اجل التبرع بالدم
كانت الشوارع بلا شرطي واحد من اي نوع وعند المفارق والاشارات وقف مواطنون عاديون ينظمون حركة المرور بينما ترابض مدرعات ودبابات الجيش في الشارع  والناس تمر من جانبهم تحيهم و البعض يصورهم و هو ما فعلته انا وصديقتى في انبهار طفولي لا مثيل له بينما لا اتوقف عن الهمهمة طوال الطريق ذهابا وإيابا "سواعد من بلادي , تحقق المستحيلا " كانت تسيطر على نشوة غير طبيعية و احساس غامر بالأمان والطمائنينه لم اشعر طوال سنى عمري الثلاثين بهذا الأمان كان نزول الشارع  قبل ذلك اليوم يعنى لى قرفا وهما وتلاطما و وجع قلب كان النزول الى الشارع يستدعى داخلى استنفارا عاما و تحفزا دائما للدفاع ضد اى من تسول له نفسه تسول له ماذا لا يهم المهم ان اكون مستعدة.
طوال الطريق من والي كنت اشعر اننى اتحرك في بيتي بلا استنفار بلا استعداد بلا متاريس وحواجز ولا تحفز من اي نوع .. لم اكن مغلقة مصمته امام العالم  بل كانت كل ابوابي ونوافذي مفتوحة على مصراعيها تستقبل العالم كله تعانقة بمحبه .
كيف و باي منطق يشعر المرء بالاستنفار والتحفز في وجود رجل الشرطة و حين يغيب يشعر بالامان و السكينه؟؟
الجواب الوحيد لدي هو انه تحول منذ زمن من رجل شرطة إلى رجل سلطة فلم يكن وجوده من اجلي بل من اجل غيري لم تكن قوته لي بل على لم يكن وجوده يحميني بل كان على ان احمي نفسي من وجوده
تغير وزير الداخلية لا تكفي فما يجب أن يتغير حقا هو الفكر الامني الشرطي في مصر حتى يعود الشرطي حاميا للشعب لا للنظام , محاسبه وزير الداخلية فقط لا تكفي بل يجب محاسبة كل من شاركة في تنفيذ جرائمة وكل عناصر الشرطة التي انسحبت من الشارع  و اخذت من الليل ستارا بعد أن خلعت الزي الرسمي لتعود للشارع من جديد كاشفة عن حقيقتها المخزية بلا مواربه

اللئيم إذا وعد

كنا قبل المظاهرات على اختلاف طوائفنا و ثقافتنا نلعن مبارك والنظام , كنا مجتمعين على عدم الثقة فيه وفي حكومته و كان من ياتي ليقول : "مبارك رجل محترم لكن حوله بطانه فاسدة" لا يسلم من السنتنا و نقدنا اللازع كان الرد الدائم عليه وعلى من مثله وكيف لرجل محترم ان يقرب بطانه فاسدة الرجل اما فاسد وهذه مصيبه اوغافل وهذه مصيبه اكبر .
فكيف الان وقد قامت البلد لعزل رجلا فاسدا غافلا ننقسم على انفسنا و نجد بعضنا يقول لنعطه فرصة كيف تعطى لفاسد غافل فرصة ماذا قدم طوال ثلاثون عاما ليستحقها؟؟ كم وعدا قطعه ووفى به ؟ كم خطه وضع والتزم بها باستثناء خطط النهب المنظم لهذا الوطن
الآن يخرج علينا و يقول سأتنحى بعد ان تنتهى فترت ولايتى - التى كسبها بالزور والبطلان - وساموت على ارض هذا البلد الذي شاركت في تحريرة من الاسرائيلين - ليحتله هو - فترق قلوب البعض ويقولون اعطوا الرجل فرصة دعوه يحتفظ بماء وجهه
ولكن في ظهيرة اليوم التالي يدخل الهجانه والخيالة بالعصي والسياط يتبعهم بلطجية ماجورين يحملون الاسلحة والقنابل في وسط الجموع المسالمة للمتظاهرين .لو ان هذا حقا رجل قرر الرحيل ببعض الكرامة و حسن الختام لكان ترك المتظاهرين لحالهم واثبت عمليا انه حقا جاد هذه المرة ساعتها كان المتظاهرون سينفضون من تلقاء أنفسهم  لو كان خرج على الناس وبذات النبرة العاطفية اعتذر عما فعله في حق الشعب , لكنه كما ابقى على نفس الحكومة بعد ان وعد بتغيرها فلم يفعل سوى تغير راسها وبضع اسماء فيها ها هو يعد بالامتناع عن الترشح و الابتعاد عن السلطه ثم يمارس كل ما تتيحه السلطة من جبروت وقهر و بمنتهى الخبث هذه ليست تصرفات رجل قرر الرحيل ببعض ماء الوجه هذه تصرفات شخص قرر البقاء مهما كان الثمن.
في خضم كل هذا يخرج على أصدقاء وجيران واقارب يقولون لو تراجع عن كلامة فليعد المتظاهرون للميدان و كأن الامر بهذه البساطة لو عاد المتظاهرون اليوم سخرج كل افاعي النظام تسعى في طلبهم حتى تملاء بهم السجون إن لم تغتالهم من فورها  ستمتلى البلاد جورا على جور وظلما على ظلم لان الرجل اهتز عرشه كما لم يهتز من قبل النظام كله ببساطة اتعلم عليه تعليمة وش وتعليمة الوش كما تعلمون مافيهاش معلش فيها انتقام ..
حين يحدث هذا ونفقد رجالنا الشجعان لن يبقى سوى الخائفون المتحصنون في بيوتهم و حين ياتى الميعاد و يلحس مبارك وعوده  هل سينزل احد هؤلاء الى الميدان ليشعل الفتيل من جديد ؟؟ رجال مصر كلها اليوم في ميدان التحرير و كل ميادين مصر بطولها وعرضها  و لو تركنا هؤلاء الرجال يموتون اليوم فلين يكون في مصر رجالا بعد اليوم بل حريما بطرح

أنا من البلد دي

في أول ليالي حظر التجول سهرت حتى الصباح اتابع التغطيه الاخباريه العالمية كانت السي إن إن على حافه الجنون أو هذا ما بدا لي فكل الاخبار عن مصر او تدخل فيها مصر بشكل او اخر في الاقتصاد البورصه تتراجع في امريكا واوربا بسبب مصر اسعار البترول ترتفع بسبب مصر , خلال اليالي التالية تكرر الامر مع تغطيه اوسع قناه السويس توصل التجارة من اسيا لاوربا في مصر هناك خط بترول يمر من البحر الاحمر للأسكندريه لنقل الوقود لاوربا و امريكا , افرض الخط اتعطل , افرض القناه وقفت , نرجع نلفف من راس الرجاء الصالح؟؟ تقارير و محللين وناس رايحة وناس جايه مراسلين ومذيعين وضيوف اشكال والوان  , البيت الابيض يتكلم , هلاري بتتكلم و في الاخر اوباما بيتكلم ,  الدنيا قايمه على طراطيف صوابعها خايفه على استقرار مصر عشان استقرار مصر يعنى استقرارهم هما كمان..
طيب أنا من البلد دي وعمري ماحسيت بالاهميه دي ليه ؟؟ لأن نظام كداب منافق فاسد حرامي  مستبد كان طابق على مراوحي و مفهمنى انى ولا حاجة ماليش قيمة ماليش دية ولانه خلانا مضحكة الدنيا وشرابه خرج بين الدول احساسي الشخصي بالعدمية انعكس على بلدي كان احساسي انها كمان معدومة من الوجود مالهاش قيمة مالهاش دية و مالهاش صاحب و لو ليها صاحب مش انا ولا الى زيي ..
لكن لا انا من البلد دي البلد الى لو عطست العالم كله يقف على رجل و لو صابتها الحمى العالم يتشل .. انا من البلد الى قامت على قلب رجل واحد بمطلب واحد ومش هاتتنازل لحد ما تحققه انا من البلد الى اجبرت امريكا تعترف على نفسها في اعلامها الموجه لمواطنيها احنا كنا حمير بديل لما صدقنا مبارك و سبناه يضحك علي دقننا  ويقول ان مصدر القلق الوحيد هو الاخوان والسلفيين و ان مع مبارك انت مطمن .. انا من البلد الى خلت الدنيا مش ملاحقة علينا مراسلين عايزين يفهموا كل ده كان فين جايبينه منين كنا مخبينه في انهى حته .. انا من البلد دي و مش هاسمح لاى حد لا مبارك ولا أجعص منه يسلبني الأحساس ده ابدا

يوتبيا التحرير

بعد انسحاب الامن و احساس الناس بالانتصار على الغول الذي روعهم طوال أيام تحولت تعليقات المراسلين إلى حالة الميدان حالة المتظاهرين , ما يفعله الناس , كيف منع المتظاهرين سرقة المتحف بالقبض على اللصوص , كيف كونوا حصار بشري حول المتحف لحماية تراثهم الثقافي , كيف كونوا جماعات شعبية لحماية بيوتهم وممتلكاتهم بل كيف قبضوا على اللصوص و المساجين الهاربين فيما بعد, كيف أسعدهم دخول الجيش باعتبار انه سيحميهم .
بدأ المراسلون يلاحظون امرا غير مفهوم في وسط كل هذا الناس لديها طاقة لتنظيف الشارع من القمامة؟؟ كلما سال المراسل أحدهم لماذا يقول لانى اريد ان ارى بلدي جميلة اخى كان واحدا منهم ساله مراسل ياباني محاولا فهم من القائد الذي وجههم لهذا ؟ كيف يقوم الجميع بذات العمل بلا قائد يوجههم إليه اخى رد بان الامر اشبه بخليه النحل كل نحلة تعرف من نفسها ما عليها فعله .. الثورة كلها كانت على ذات الحال الناس كلها على قلب رجل واحد رجل ليس له وجه ولا وجود رجل هو مجرد قلب نابض كبير يجمعهم
لكن قصة النظافة رغم ما يبدو عليها من بساطه اعمق بكثير مما نتصور فقذارة الشوارع في مصر كانت قد صارت امرا مفروغا منه وكانت الناس في الداخل والخارج  تتعجب كيف يحافظ المصريون على نظافة بيوتهم و نظافتهم الشخصية بهذا الحماس والاخلاص  و لا يبالون بالشارع رغم انه الواجهه التي تمثلهم في عيون الغرباء كانت الحكومة ترفع لافتات في كل الميادين لتحث المواطنين على النظافة كتب عليها النظافة من الايمان و النظافة مظهر حضاري لكن بلا جدوى .. الان في هذه المعمعه يجد الناس وقتا و حماسا واخلاصا لنظافة الشارع ؟؟ ماذا حدث ؟؟
الاجابه بسيطة الثورة حدثت ..
قبل الان كان شارع هو المكان الذي تخرج إليه من بيتك الامن النظيف المريح لتهان وتمتهن و تنتهك حقوقك إن لم يكن من قبل النطام فمن قبل احد المنتفعين منه  أو من قبل شخصا تعرض لهذا قبلك ويرغب في التنفيث عن غضبه ولا يملك من الشجاعة ما يجعله يوجه هذا الغضب إلى من يستحق اما الان فقد صار المكان الذي تقصدة لتستعيد حريتك و كرامتك و حقوقك .. وفي ميدان التحرير انتقلت ملكيه الشارع من حكومة إلي المصري صار الشارع - الذي شهد حربه وانتصارة واستعادته لكرامته - يخصه الشارع بيته , ارض الكفاح والراحة معا لهذا كان على الشارع أن ينطق بما تنطق به النفوس واول ما تنطق به النفوس هو النظافة نظافة اليد و القلب والنفس والنيه, في ميدان شهد قبل سنوات تحرشا جماعيا في ظل الامن المزيف الذي كان سائدا من قبل, افترشت اليوم الفتيات والسيدات وعائلات بكامل افرادها الارض والتحفت السماء فلم يشكوا احد من سرقة ولا فتاه من متحرش بل وحتى مجرد نظره خارجة .. لم يعد الشارع مسرحا للمهانة والذل والقلق والخوف لم يعد عدوا, بل صار صديقا وحليفا و شاهدا و نظافته اقل ما له من حقوق

هاهنا ..

مساحة شخصية لا أكثر ولا أقل .. إن اعجبك ما فيها اهلا بك وإن لم يعجبك اتركها غير نادم لا تصدع راسك و رأسي رجاءاً ..