بالامس اتصلت بي صديقتى بعد طول غياب لتطمئن على , كل منا كانت غارقة في ما يجري في حياتها و مع المسافة الكونية التى تفصل مدينتينا كنا لماما ما نجتمع و منذ بضعة أيام كنت امر بين الصور القديمة في الفيس بوك ووجدت صورة وضعتها هذه الصديقة على حائطي في أحد ايام إكتئابي التى كانت لا تنتهي  مع تعليق لطيف عن اليرقة التى تقضي وقتا طويلا في الشرنقة لتخرج بعدها فراشة جميلة تطير عاليا في الفضاء .. علقت ساعتها تعلقا يقطر يأسا عن حال بعض الشرانق التى لا تفتح ابدا و اليرقات التى تأبى النضوج ... نظرت لتعليقى قليلا ثم كتبت تعليقا جديدا كيف انها كانت ابعد نظرا منى واننى لدهشتى ما ان لاح شق في شرنقتى طرت ابعد واعلى من اي مستجد .. في المكالمة الهاتفية امس سالتنى وانا متدثرة بين اغطيتى عن عملي فأخبرتها فسألتنى ما وظيفتي بالضبط  حين أخبرتها خرجت دهشتها في هيئة ضحك هستيري يتخلله من أن لأخر " واااو" بينما اختى تضحك إلى جواري هي الاخري و تردد " كده خضيتى البنت " ثم صاحت لتسمع صديقتى عبر الهاتف " معلش اصلها أول ما شطحت نطحت" .. ابتسمت في حرج وقد أدركت اننى قلت ببساطة امرا غير هين.
اجلس الان في عملى غير قادرة على التركيز في ما على فعله أشعر انى حين نطقت الكلمات بالأمس تجسدت وصارت كائنا حيا  سيظهر كلما نطق أحد إلى جواري شيئا يخصه بعد ان كان مجرد كلام يتداولونه من حولى و اخذه بتواضع على اعتبار أنهم يبالغون.. الان سيظهر ويبتسم مشجعا او يعبس لائما أو حتى أو شفتيه امتعاضا.  أراه بطرف عينى واقفا خلفي الأن لم يكتسب ملامح واضحة بعد فيبدو كوحش أسطوري يحدق في فاغرا فاه ينتظر اللحظة الملائمة لإلتهامي.
أحاول إلهاء نفسي عن الوحش المحق بها بالاوراق امامي او يبشاشة حاسوبي وما عليها و بهذه التدوينة بلا فائدة. يبدو أنني سأستغرق وقتا اطول من صديقتي في تخطي صدمة الاكتشاف و لن يكفيني وقتها مخزون العالم اجمع من الضحك الهستيري  او ربما من يدري البكاء.

من أنتم؟



لا بأس .. سأجاريك سأجرب .. من يدري لعلك موكل بهدم اخر معاقل الكبر لدي (لا يدخل الجنة من كان في قلبة مثقال ذرة من كبر) إن كنت كذلك فاهلا بك  ... تفضل

أصحاب واجب


في اليوم الاول للانتخابات صحوت مكتئبة سوداوية المزاج و طوال الطريق من بيتى في أطراف الجيزة لمقر عملي في اطراف القاهرة و أنا ازداد كئابة و سوداوية .

بجوار عملى مدرسة تحولت للجنة انتخابية ... كان الطابور يمتد طويلا طويلا و يلتف حولها و يختفى في الافق إلى مالا نهاية .. تذكرت يوم الاستفتاء و استعدت حالة يوم العيد التى كانت تلفني يومها فولت رفيقتا السوء عنى و رقص قلبي فرحا شعرت انه لاخوف علينا حتى لو اخطئنا الاختيار سنتعلم من أخطائنا و لن نكررها يكفى اننا استعدنا احساسنا بقيمتنا كأفراد و ادركنا قوة تأثيرنا و واجبنا في حسن استغلاله تراقصت سعادتي في عيناني وعلى شفتي وانا اتوقف قليلا لتصوير الطابور ثم اعاود المشي. في العادة احافظ على وجه متهجم جاد في المكتب و مع اقترابي منه شيئا فشيئا حاولت جاهدة السيطرة على الحفل الصاخب الذي اقامة قلبي على بوابتي ولم افلح  حتى حين لمحت رئيسي يقترب من باب المكتب لم افلح . لحقت به وهو يفتح الباب و حييته فرد تحيني مستغربا.

وضعت حقيبتي  و شغلت حاسوبي وذهبت للمطبخ أعد شاي الصباح لأن الساعي تاخر كالعادة توقفت في طريقى وعلى غير عادتي طرقت باب رئيسي المفتوح وسالته "انتخبت " رد " لسه" ثم  قال شيء ما اعطاني انطباعا انه لن يفعل فقلت بخيبة امل طفل لن يحصل على الحلوى التى وعدوه بها " يعنى مش هاتنتخب" ابتسم " هانتخب بس لما الزحمة تخف شوية النهاردة بالليل او بكرة الضهر" فعادت بسمتي الواسعة من جديد وسالته "تشرب حاجة" بدا عليه الاستغراب مرة أخرى و اجاب " قهوة" فهززت راسي و سالته كيف يشربها و ذهبت اعد شايي وقهوته


 كان لدي يومها مهمة خارج المكتب و كان الزحام شنيعا. الطريق الذي لا يستغرق سوي نصف ساعة استغرق ثلاثا ذهابا و مثلهم إيابا بدا وكأن السيارات ذاهبة للإدلاء بصوتها هي الأخرى . خلال ست ساعات قصيتها في السيارة اتصلت بخالي بضع مرات اطمئن على أمي في رفقته  و في اخر مكالمة اخبرنى ان الطريق واقف تماما وانه سيصحب امي لبيته فاخبرته انى سألحق بهم فلا امل لنا في العودة للبيت  بهذا الشكل .

في الصباح التالي ركبت تاكسي مع امي  السائق لم يبد مريحا ابدا بسرواله و معطفه المتسخين و شعره المنكوش و شبشبه ذو الصباع يمكنك ان تعتبره بلطجي متنكر وتتصرف على هذا الاساس بضمير مرتاح . لكن لم يكن منه بد بعد طول انتظار توكلنا على الله و ركبنا و صفت له الطريق و افهمته اني سأنزل اولا لألحق بعملى و كنت قد تأخرت تاخيرا كونيا دفع رئيسي للاتصال بي لاول مرة منذ التحقت بعملي  ليسالنى في قلق ما ان سمع صوتي "انت كويسة؟" اخبرته - بينما السائق يمون سيارته بالغاز الطبيعى بعد ان اوقف العداد مؤقتا - اننى بخير و ان امي معي لهذا تأخرت .
سألنا السائق وهو يخرج  بالسيارة من محطة البنزين ويعيد تشغيل العداد "انتخبتوا" فاخبرناه اننا من محافظة اخرى ولم يحن علينا الدور ثم  سألته امي "حضرتك انتخبت" فاجاب في سعادة وهو يرفع اصبعه الملطخ بالحبر في فخر "أيوه" سألته لمن صوت فقال " للكتلة المصرية و في الفردي اخترت شاب صحفي جاري واد كويس اوى وابوه راجل محترم " ثم استفاض يحكي عن مرشحي الدائرة و احدا واحدا ومن بينهم تاجر مخدرات ثم شرح كيف بحث عن المتعلمين ذوي السمعة الحسنة لان المتعلمين "هما الى هيقوموا البلد"
بالامس حين سمعت رئيسي يعرب عن قلقه من نتائج الانتخابات تذكرت السائق ذو المظهر المقلق, أبتسمت و فكرت انه لا داعي للقلق أبدا

هاهنا ..

مساحة شخصية لا أكثر ولا أقل .. إن اعجبك ما فيها اهلا بك وإن لم يعجبك اتركها غير نادم لا تصدع راسك و رأسي رجاءاً ..