مزرعة الحيوان

مع كل الجنون المطبق الذي يعم هذه البلد المح عدد سلسلة المانجا التى اشرت لها في بوست سابق على مكتبي فاتذكر حوارا مع مؤلفها سألوه فيه لماذا توقفت لعام كامل عن العمل في السلسلة فأجاب ما معناه بانها كانت تمتليء بالقتل والدماء وانه كان بحاجة لان يبتعد عن كل ما بها من عنف و و حشية ليستعيد سلامه النفسي .... رغما عني اجدني ابتسم بينما تجلجل ضحكة رقيعة في اعماقي وافكر في تشف وسادية عما كان سيصيبه لو كانت احداث قصته تروي ما يجري هنا في هذه البلد كم عدد سيبدع قبل ان يتعطل سلامه النفسي و كم ستطول فترة نقاهته .. افكر ماذا لو عاش الاحداث بالفعل ماذا لو مشي في تلك الشوارع المخضبة بالدماء و طالع صور المحترقين و المدهوسين ماذا لو كان معنا هنا ؟؟ اجد صعوبه في تخيل ما سيصيبه لكن اعماقي لا تبالي وتطلق ضحكة متشفيه رنانة ..

تعلق زميلتي على تاجيل كورس  اللغة الاجنبية بسبب الاحداث و تعليق زميلة اخرى بانهم يخشون ان يصيبنا اي مكروه بان الاجانب يقدرون قيمة البشر و الانسانية على عكسنا فابتسم ولا اعلق - رغم اني اعتقد ان انبهارها بالقوم انبهار مبالغ فيه بشدة لكن هذا ليس مجاله الان - 


لا اكاد اغادر صفحة زميلتي إلى صفحتى حتى اجد قريبيتى تصف غير المتعاطفين بالحيوانات قريبتى تلك لا تنفك تستفزنى بجهادها الالكتروني لكنى في كل مرة احفظ لساني و اتجاهلها حتى لا اقطع ما بيننا من رحم هذه المرة ايضا تجاهلتها لكنى حين قمت لاعد كوبا من الشاي تخيلتها امامي تقول ما قالته من جديد لارد انا بكل توحش و سوقيه بانها محقة فنحن حيوانات لكن منذ متى تتعاطف الحيوانات مع الحيوانات نحن لم نعد بشر وهذه ليست دولة ولا مدينة ولا تجمعا انسانيا من اي نوع هذه غابة و الحيوانات في الغابة إما ياكل قويها ضعيفها أو يتصارعون على مناطق النفوذ  كل ما في الامر ان قطيعك اليوم صار مغلوبا بعد ان كان غالبا صار ماكولا بعد ان كان اكلا .. انا وانت و الكل حيوانات في غابة هذه الارض فلا داعي لحالة التسامي المفتعلة التى تعيشنها انت وقطيعك لان مشهد النعاج والخنازير والذئاب و هي تمشي على قوائمها الخلفية متظاهرة بانها بشرمبتذل الى ابعد الحدود

اين ذهبت ملعقة السكر ؟

منذ سنوات بعيدة تعطلت حاسة التذوق لدي .. في البداية ملائت البثور فمي كان الكلام يؤلمني الطعام يؤلمني حتى مرور الماء يؤلمني كان الحل الوحيد ان اضع ماصة طويلة في فمي وامتص بها ما يقيم اودي عشت على اللبن و العصائر لا انطق حرفا لم تبدأ المضمضة المقرفة التى وصفها الطبيب تحقق اثرا  إلا قبل رمضان باسب
وع حين اوقف الطبيب كافة الادوية وجلسات العلاج و اعلن انى صرت خالية من المرض تماما . في ليلة الاول من رمضان نويت الصيام والقيت المضمضة غير ماسوفا عليها في القمامة .. كان افطار ذاك اليوم  احتفاليا لحم و ورق عنب و ملوخية كانت البثور و الالم قد ذهبا لكنهما اصطحبا معهما قدرتي على التذوق كان اللحم اليافا طولية تنز منها عصارة ما و ورق العنب نسيج ورقي يخرج منه حبيبات طرية و الملوخية شرابا لزجا  لم اكن قادرة على تميز مقدار الملوحه او المرارة او اللذوعة او الحلاوة كانت البقلاوة التى قضيت ساعات أحشوها بالمكسرات المفرومة  وابرمها  رقائق مقرمشة ينز منها عصارة لزجة ليس إلا حتى النكهات المميزة للمكونات لم تكن هناك ..طوال رحلة العلاج القصيرة - مقارنة بغيري- لم تكن لدى شهية للطعام لكنى كنت اجبر نفسي عليه والاطعمة التى كنت اكرهها ولا اقربها تناولتها كدواء سخيف لان الطبيب نصح بها .. لكن خلو الطعام من اي مذاق او نكهه في ذلك اليوم لم يفقدني شهيتي كنت اكل بشهية مفتوحة كما لم أكل من قبل ...
------
منذ سنوات ابعد بكثير كنت وامي نشرب الشاي بثلاث ملاعق من السكر كانت امي تحكي ضمن ما تحكي في ذكريات طفولتها ان اسرتها لم تكن قادرة دوما على توفير صنف للتحلية بعد الوجبة الرئيسية لذا كان الشاي المحلى بكرم هو البديل .. حين اخبرها الطبيب انها مصابة بالسكر وان عليها التقليل من تناول السكريات واستخدام بدائل السكر امتثلت للامر الاول ورفضت الثاني تماما و خفضت مقدار السكر في الشاي الى معلقتين حين طلبت منى ذلك لاول مرة وانا اعد الشاي شعرت بتعاطف كبير معها ظللت اراقبها و هى تشربه حتى انتصف الكوب ثم لم اطق صبرا وسالتها عن طعمه فقالت لي لا باس به ثم قدمت لى كوبها و دعتنى لتجربته لم يكن سيئا ابدا بالعكس بدا  وكأن مذاق الشاي قد صار افضل قليلا فصرت من يومها اشربه بملعقتين معها .... بعدها بسنوات على مائدة الافطار في بيت خالتي سالتني  بعد ان حثتني على تناول الطعام كم ملعقة سكر قلت في شرود واحدة انتبهت للرقم الذي نطقته ثم فكرت ان لا باس فلدي رغبه عارمة في تناول شيء مر المذاق .. شربته بتان و تناولت معه لقيمات صغيرة من هذا الطبق و ذاك ولسبب ما كان الطعم المر لذيذا و فاتحا للشهية .. كان هذا في الصباح التالي لوفاة والدي ...
----
منذ ذاك اليوم صرت الاحظ ان قلة السكر في اي صنف يستعمله تحسن الطعم وان المرارة لا تفسده بالضرورة و انه حين يكثر السكر يطغى على نكهات رقيقة اخرى لا تقوى على مواجهته .. صرت افكر ان ربما ينطبق هذا  أيضا على  لحظات السعادة الشحيحة في الحياة لو زادت لطغت على لحظات اخرى ارق واعمق وافقدتها قيمتها و اضاعت علينا اهميتها وان اللحظات الصعبة في حياتنا يجب ان نخوضها باقل قدر ممكن من السكر حتى لا يلهينا عن حقيقتها رغم ذلك أظل لا غنى لي عن ملعقة السكر اليتيمة المتبقية تلك بدونها لا استسيغ الشاي نهائيا ولما كنت لا استسيغ حياتي هذه الايام نهائيا اجدنى اتسائل ...

هاهنا ..

مساحة شخصية لا أكثر ولا أقل .. إن اعجبك ما فيها اهلا بك وإن لم يعجبك اتركها غير نادم لا تصدع راسك و رأسي رجاءاً ..