أنا و أنت و بابا و ماما في ديزني لاند

امس بعد ان دفعنا حساب العشاء و تمكنت صديقتي الطفلة (اكبرها بنحو14 عاما) من فك ورقة الـ 200 جنيه التى حيرتها طوال النهار رايتها تضح ورقة بـ100 تحت زجاج الطاولة سالتها في تقريع ما هذا ؟ لمن هذه ؟ ردت متفاجئة: "إنها لى" فقلت فورا: " لماذا وضعتيها هنا ضعيها في حافظة نفودك حتى لا تنسيها" فعلق زميلنا مازحا: " اسمعى كلام ماما يا بنت " ابتسمت فتاتي في خجل وهي تضع نقودها حيث امرتها بينما علقت صديقة اخري : "فعلا ده رد فعل الام في موقف كهذا" فأمنت فتاتي في خجل: "فعلا هذا ما كانت ستفعله امي بالضبط " فربتت صديقتعى على كتفها وقالت مازحة : " احنا كلنا هنا زي ماما " رغما عنى فكرت في امي وعمتى و ارتفعت غصة في حلقي قمت على اثرها للحمام اغسل يدي ووجهي ...

انا اتحول إلى نسخة اخرى من امي كنت طوال عمري و ساظل اشبهها شكلا لكننى كنت اصر دائما على الاختلاف عنها موضوعا لا اريد حياة كحياة امي . عاشت امى حياة تعيسة و اسهم في زيادة تعاستها شخصيتها و قرارتها لذا مع كل حبي وتقديري لها قررت منذ زمن بعيد الا اكون مثلها مهما كان الثمن لكنى منذ فقدتها اتحول إلى كائن يشبهها لا شكلا فقط ولكن موضوعا ايضا اعتقد ان افتقادي المزمن لها جعلنى الجأء دون وعي للحل الوحيد الذي يجسدها مرة اخرى في حياتى أن أتقمصها!

امس استفاض احد الزملاء في الخوض في سيرة عائلة صديقه الاجنبي الجالس إلى جواره - محتضنا دمية الفيل دامبوا متصنعا البراءة - ! كان الاطار العام لما قاله الزميل ان صديقه الاجنبي يدعي الفقر والمسكنه هنا في مصر حتى لا يحاول احد استغلاله بينما هو ليس في حاجة للبقاء في مصر من اساسه و ان بامكانه العوده لبلاده غدا حيث يتمتع والده بنفوذ و ثراء واسعين ثم اضاف بضعة تفاصيل هنا وبضعة تفاصيل هناك فرسم صورة كاريكاتورية للاب جاعلا نفوذه وثراءه يبدوان راجعين لكونه رئيس تنظيم إجرامي ما ! تاملت الشاب ابن الثقافة الاجنبية المرفهه و هو يبتسم في حياء وعدم فهم و وددت لو صفعته مرتين صارخة في توحش :"ما تنشف يااااض!" كنا ساعتها في زيارة  لصديقة مريضة فاكتفيت وانا اراه يداعب الدمية في حنان بابتسامة استغراب و انا افكر "ياختي كميلة" لكزتني صديقتي المريضة فانتبهت انى قلتها بصوت عال فصمت تماما لكنى طوال الامسسة و بعدما ودعنا صديقتي و ذهبنا لمشاهدة عرض فنى ثم تناول الطعام لم انفك اتامله و افكر ماذا سيفعل الفتى لو فقد والده ذو المال والنفوذ غدا هل سيذهب ليرث ما تركه له ويشعر بالحيرة والضعف هل سيتوقف عن احتضان الدباديب و يتحول تدريجيا إلى كائن يشبه والده في كل شيء ليعوض افتقاده له ؟ ام سيظل على حاله الوديع ذاك ؟ دعك من هذا  ماذا يفعل الان ووالده يبعد عنه الاف الاميال حين يحتاج للنصيحة او يحتاج لمن يربت على كتفه مشجعا إياه او يحتضنه موهونا عليه ؟ حين وصلت بافكاري لهذه النقطة تذكرت دمية الفيل المسكينة و حالة ثومة العاشق و فنظرت له شذرا و اسمعته تعليقا سخيفا ما و اشحت بوجهي عنه .

لولا رحمة ربي لكنت مت رعبا و لحقت بأمي وانتهينا .. الحياة بدون اب او ام مفزعة الى اقصى حد .. حين نكون صغارا نكون معتمدين عليهما كليا نستمتع بما يقدماه لنا بلا هموم , نكبر قليلا فيتحولا إلى قيود نرغب في الفكاك منها باي وسيلة ,نتخرج و نحظى بوظائفنا و رواتبنا كبرت او صغرت فنشعر اننا اخيرا كسرنا القيد وصرنا كائنات مستقلة و ندب على الارض في ثقة وخيلاء , يموت احدهما فنحزن و نبكي ونحتضن الاخر و يحتضننا ثم نتمالك انفسنا و تستمر الحياة ,  يموت الاخر فتكتشف انك صرت يتيما لايهم كم عمرك وقتها حتى لو كنت "شحطا" جاوزت الثلاثين لديك وظيفة وراتب و خطوة واثقة رزينة تدب بها حيث تشاء .....
الاب والام ليسا سندا ماديا يوفر لك طعامك وشرابك و كسوتك و إيجار البيت الاب والام سند معنوي لن تجده عند احد سواهما وان وجدته لدي عم او خالة فستستعمله في حرص و اقتصاد شديدين حتى لا ينفذ رصيدك بسرعه لدى هؤلاء فلديهم بالفعل من هو اولى منك ليسحب بغير حساب وما انت سوى متطفل يعرف انه كذلك لكنك تتطفل مضطرا لانك إن لم تفعل ستجن او تموت و غريزة البقاء أقوى من أي احساس بالكبرياء للأسف.


0 التعليقات:

هاهنا ..

مساحة شخصية لا أكثر ولا أقل .. إن اعجبك ما فيها اهلا بك وإن لم يعجبك اتركها غير نادم لا تصدع راسك و رأسي رجاءاً ..