في غيبة العفريت الأسود

حين فرض حظر التجوال لاول مرة مساء الجمعة اضطر اخى للمبيت في مقر عملة لتاخر الوقت عاد صباح السبت في الثامنه وغادر البيت بعها بساعتين ليلحق بالمتظاهرين رغم اعتراضات أمي بالطبع , حين حل المساء كان التلفزيون لا يتوقف عن إذاعة استغاثات المواطنين و يعرض رقم للاتصال بالجيش لكن الرقم لا يعمل  وحين سمعنا ضرب الاعيرة النارية على أول الشارع اتصلت به أختى باكية طالبه منه أن يعود وان اللصوص كانوا سيدخلون الشارع لولا تصدي الجيران ..  وبينما يعود اخي ماشيا من التحرير لانعدام المواصلات  جائت الاخبار من الجيران ان اهالى الشارع المجاور امسكوا بهم  كانو سته ثلاثه منهم  يحملون كارنيهات شرطة و في التلفزيون جائت اخبار مشابهه مع نداء بالتبرع بالدم للمصابين تحت اصرار امي بقى اخي في البيت يوم الاحد بينما نزلت انا واختى وصديقتي واختها وذهبنا للقصر العيني من اجل التبرع بالدم
كانت الشوارع بلا شرطي واحد من اي نوع وعند المفارق والاشارات وقف مواطنون عاديون ينظمون حركة المرور بينما ترابض مدرعات ودبابات الجيش في الشارع  والناس تمر من جانبهم تحيهم و البعض يصورهم و هو ما فعلته انا وصديقتى في انبهار طفولي لا مثيل له بينما لا اتوقف عن الهمهمة طوال الطريق ذهابا وإيابا "سواعد من بلادي , تحقق المستحيلا " كانت تسيطر على نشوة غير طبيعية و احساس غامر بالأمان والطمائنينه لم اشعر طوال سنى عمري الثلاثين بهذا الأمان كان نزول الشارع  قبل ذلك اليوم يعنى لى قرفا وهما وتلاطما و وجع قلب كان النزول الى الشارع يستدعى داخلى استنفارا عاما و تحفزا دائما للدفاع ضد اى من تسول له نفسه تسول له ماذا لا يهم المهم ان اكون مستعدة.
طوال الطريق من والي كنت اشعر اننى اتحرك في بيتي بلا استنفار بلا استعداد بلا متاريس وحواجز ولا تحفز من اي نوع .. لم اكن مغلقة مصمته امام العالم  بل كانت كل ابوابي ونوافذي مفتوحة على مصراعيها تستقبل العالم كله تعانقة بمحبه .
كيف و باي منطق يشعر المرء بالاستنفار والتحفز في وجود رجل الشرطة و حين يغيب يشعر بالامان و السكينه؟؟
الجواب الوحيد لدي هو انه تحول منذ زمن من رجل شرطة إلى رجل سلطة فلم يكن وجوده من اجلي بل من اجل غيري لم تكن قوته لي بل على لم يكن وجوده يحميني بل كان على ان احمي نفسي من وجوده
تغير وزير الداخلية لا تكفي فما يجب أن يتغير حقا هو الفكر الامني الشرطي في مصر حتى يعود الشرطي حاميا للشعب لا للنظام , محاسبه وزير الداخلية فقط لا تكفي بل يجب محاسبة كل من شاركة في تنفيذ جرائمة وكل عناصر الشرطة التي انسحبت من الشارع  و اخذت من الليل ستارا بعد أن خلعت الزي الرسمي لتعود للشارع من جديد كاشفة عن حقيقتها المخزية بلا مواربه

0 التعليقات:

هاهنا ..

مساحة شخصية لا أكثر ولا أقل .. إن اعجبك ما فيها اهلا بك وإن لم يعجبك اتركها غير نادم لا تصدع راسك و رأسي رجاءاً ..